ولم تأمر بإطلاق العبيد أصلا، وبالاجمال لم تغير النسبة الشرعية بين الولي والعبد بشئ، بل على عكس ذلك أثبتت حقوق السادة وواجبات العبيد.
وأمر بولس الرسول العبيد بإطاعة سادتهم كما يطيعون السيد المسيح، فقال في رسالته إلى أهل إفسس (1).
" أيها العبيد، أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح، لا بخدمة العين كمن يرضى الناس، بل كعبيد المسيح، عاملين مشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس، عالمين أن مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدا كان أو حرا ".
وأوصى بطرس الرسول بمثل هذه الوصية، وأوجبها آباء الكنيسة لأن الرق كفارة عن ذنوب البشر يؤديها العبيد لما استحقوه من غضب السيد الأعظم.
وأضاف القديس الفيلسوف توماس الأكويني رأي الفلسفة إلى رأي الرؤساء الدينيين، فلم يعترض على الرق بل زكاة لأنه - على رأي أستاذه أرسطو - حال من الحالات التي خلق عليها بعض الناس بالفطرة الطبيعية، وليس مما يناقض الإيمان أن يقنع الإنسان من الدنيا بأهون نصيب (2).
الرق في أوربا:
فيما عدا اليونان والرومان - وقد سبق الكلام عنهما - ليس لأوربا تاريخ قديم يذكر سوى تاريخ الجرمان، ويقول الأستاذ شفيق (باشا) عن موقف الجرمان من الرق ما يلي: وكانت المقامرة تخرج بالمولعين بها إلى حد أنهم يقامرون على نسائهم وأولادهم، بل وعلى حرياتهم الشخصية، فكان ذلك عند الجرمان مصدرا من مصادر الرق (3).