فلما جاء الإسلام آمن به بعض العرب وكفر به آخرون، وقام نزاع عنيف في الجزيرة العربية بين المسلمين وغير المسلمين (قريش واليهود)، وفي هذه المرحلة لم يهتم الفرس والروم أيضا بهذا الدين الجديد، وقالوا إنها حركة قام بها عربي وسيقتلها العرب واليهود، وظنوا إنها نوع من الصراع الداخلي لا يلبث أن يموت.
ولكن سرعان ما بدأ الإسلام ينتصر على أعدائه وينتشر بين العرب، وسرعان ما تكونت في الجزيرة العربية دولة قوية متحدة، وبالإضافة إلى قوتها واتحادها كانت لها مبادئ الدين الجديد، الذي اجتمع العرب حوله، والذي استلزم الدعوة له، وقد فوجئ كسرى وقيصر بحقيقة خطيرة هي أن الرسول أرسل لهما يدعوهما للإسلام في العام السابع للهجرة، ويدعو قومهما كذلك، واعتقد السيدان أن محمدا لم يقنع بتأسيس دولة عربية، وإنما أخذ يطمع في مد سلطانه إلى أرضهما.
كل هذا أدخل الذعر والخوف في نفوس الفرس والروم، فقد أصبحت الجزيرة العربية منافسا خطيرا، قويا متحدا، وأصبحت دولة لها دين ولها مبادئ، تعمل على نشر هذا الدين وإذاعة أفكاره واكتساب الأنصار إليه، ومن أجل هذا دخل الفرس والروم المعركة، وقررتا ضرورة القضاء على الدولة الإسلامية الجديدة والقضاء على الوحدة التي تكونت عند العرب، وقد بدأ ذلك في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد وقعت في عهده غزوة مؤتة بين الروم والمسلمين وقتل فيها مجموعة من خيرة القواد المسلمين، كما خرج الرسول لمواجهة الروم في غزوة تبوك عندما بلغه أنهم تجمعوا لمهاجمة المسلمين.
وكان المسلمون يتوقعون هجوم الروم عليهم كل لحظة، ومما يدل على ذلك