وادعى ملوك فارس أن دما إلهيا يجري في عروقهم، وأن في طبيعتهم عناصر علوية مقدسة، وصدق الفرس هذه الدعوى فأنزلوهم منزلة الآلهة، قدموا لهم القرابين، وأنشدوا لهم أناشيد الطاعة والعبودية، واعتقدوا أنهم وحدهم الذين يجوز لهم أن يلبسوا التاج، ويسيطروا على الناس أيا كانت سنهم أو كفاءتهم. وفيما عدا الأسرة المالكة كان هناك المجتمع الإيراني بطبقاته الكثيرة التي تقوم هوة واسعة بين كل اثنتين منها، وكان كل إنسان في طبقة لا يستطيع أن يتعداها إلى سواها من الطبقات مهما أوتي من كفاءة خاصة أو تجارب معينة (1).
الأدبار في الصين:
شهدت الصين في القرن السادس قبل الميلاد حكيمين شهيرين هما:
" لاموتسي " الذي ينطق اسمه أحيانا " لوتس " و " كونغ فوتسي " الذي ينطق " كونفشيوس "، وأولهما أسن بحوالي خمسين سنة تقريبا، وقد تقابلا وكان " لاموتسي " في شيخوخته و " وكونغ فوتسي " في شبابه وتدارس الثاني مع الأول بضع مشكلات، ولكن كان لكل منهما اتجاه فافترقا، فقد كان الأول داعية قناعة وزهد وتسامح مطلق، دعا إلى مقابلة السيئة بالحسنة، على نحو ما نسب للمسيح فيما بعد، أما " كونفشيوس " فكان يدعو إلى العدالة والاستقامة، ومقابلة السيئة بمثلها، ومذهب الأول يعرف " بالتاوية أو الطاوية " أما مذهب الثاني فيعرف " بالكنفوشية " وهو أكثر انتشارا وذيوعا في الصين.