وهو ينتشر بين الإندونيسيين بيسر وبساطة، رآه وهو يهزم الديانات الأخرى والأفكار المتعددة ويتقدم إلى الطليعة لا تدفعه إلا مبادئه السمحة وتعاليمه المعقولة الهادئة لها البسيطة، وقد رأيت في إندونيسيا صراعا بين الأديان والأفكار، كل منها يريد أن يكون أسرع وصولا إلى قلوب الإندونيسيين، ولكل منها وسائل وطرق تعمل على تحقيق هذه الغاية. كانت المسيحية يساعدها أو قل يفرضها بطش المستعمر وماله وجاله، والكونفوشية يساعدها ملايين الصينيين الذين يقيمون في إندونيسيا - وتدفعها الثروات الضخمة التي يملكها هؤلاء الصينيون، والهندوكية والبوذية تساعدهما صلات الهند بإندونيسيا، تلك الصلات الثقافية والحضارية التي تضرب في أعماق التاريخ، ورأيت الإسلام تدفعه مبادئه ويرعاه الله، يعلمه عرب هاجروا من البلاد العربية بثقافة محدودة وبدون مال ولا سلطان، أو يعلمه إندونيسيون ينطبق عليهم وصف العرب في فقرهم وقلة سلطانهم، فماذا كانت نتيجة هذا الصراع؟
أما الكنفوشية فقد خرجت صفر اليدين، ولم تجذب إليها فردا واحدا تقريبا من أبناء إندونيسيا. وقنعت الهندوكية والبوذية بنصيب ضئيل حصلت عليه غالبا قبل زحف الإسلام. وجذبت مدارس المسيحيين ومستشفياتهم ووظائفهم عددا قليلا لا يتجاوز المليونين، وأغلبهم سقطوا في المسيحية مخدوعين، فالطفل يدخل مدرسة مسيحية ويتلقى تعاليم هذه الديانة ثم يخرج مسيحيا ولا يعرف غير المسيحية، والمريض يشترك في الصلوات والأدعية التي تقام في المستشفيات وليس له إلا الاشتراك أو الطرد من المستشفى، وهكذا دواليك. أما الإسلام فقد اكتسح وتسرب في النور وبالدعوة السلمية إلى أكثر من تسعين في المائة من سكان إندونيسيا الذين يقربون من تسعين مليونا.
أما انتشار الإسلام في إفريقية فندع الحديث عنه إلى شاهد عيان آخر