هل هذا الكلام صحيح؟ وهل كان البدوي تواقا إلى حياة الهناء والبذخ؟
وهل كان ذلك هو الدافع لهذا البدوي ليخرج قاصدا القضاء على أكبر إمبراطوريتين عرفهما تاريخ العالم في ذلك الوقت؟
نحب أن نقرر أن فكرة ربط الدعوة الإسلامية بالرغبة في الحصول على المال قديمة جدا، بدأت مع بدء الإسلام، واتهم بها محمد نفسه قبل أن يتهم بها هؤلاء المستشرقون معاشر البدو بمدة طويلة، ووجدت أدلة كثيرة تقوض هذه التهمة، ولكنها مع ذلك لا تزال حية.
لقد اتهمت قريش محمدا بأنه طالب مال وعرضت عليه أعز ثرواتها، ولكنه صاح فيهم: " والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه (1) ".
وافتقر محمد بعد غنى، وافتقر أبو بكر بعد غنى، وافتقر عمر الذي آل له السلطان على الإمبراطوريتين، وظل يعيش في تقشف ظاهر، وافتقر عثمان بعد غنى عظيم، ومع هذا بقيت التهمة بأن المسلمين حاربوا لأنهم كانوا طلاب مال وثراء!!
وعند البدء في غزو فارس برزت هذه التهمة في عقل رستم قائد الفرس، وظن أنه يستطيع أن يرضي هؤلاء البدو بحفنات من ذهب الفرس وينجو من قتالهم، فطلب من سعد بن أبي وقاص أن يوجه إليه بعض أصحابه، فوجه إليه المغيرة بن شعبة. فقال له رستم: لقد علمت أنه لم يحملكم على ما أنتم عليه إلا ضيق المعاش وشدة الجهد، ونحن نعطيكم ما تشبعون به ونصرفكم ببعض ما تحبون (2). والعجيب أن الدكتور حتى يذكر هذه القصة حجة لدعواه،