إذ قد تقدمت البشرية وأصبح ضروريا، أن تعرف حكم الله فيما يعترضها من شؤون، ولهذا حفل التفكير الإسلامي بأفانين من القول في كل مشكلات الحياة التي تحتاج لتوجيه السماء كالنظم السياسة والنظم الاقتصادية والنظم الاجتماعية والنظم العسكرية والعلاقات الدولية وغيرها مما شرحناه بإفاضة في الأجزاء الستة التي تشملها " موسوعة النظم والحضارة الإسلامية ".
صفات الرسل في التفكير الإسلامي:
يتصف الرسل بعلو الفطرة، وصحة العقول، والصدق في القول، والأمانة في تبليغ ما عهد إليهم أن يبلغوه، والعصمة من كل ما يشوه السيرة البشرية، وسلامة الأبدان مما تنبو عنه الأبصار، وتنفر منه الأذواق السليمة، ويلزم الاعتقاد بأن الرسل ممدودة أرواحهم بمدد من الجلال الإلهي لا يمكن معه لنفس انسانية أن تسطو عليهم سطوة روحانية.
وإنما لزمت لهم هذه الصفات لأنهم لو انحطت فطرهم عن فطر أهل زمانهم، أو تضاءلت أرواحهم لسلطان نفوس أخرى، أو مس عقولهم شئ من الضعف، لما كانوا أهلا لهذا الاختصاص الإلهي الذي يفوق كل اختصاص، وهو اختصاصهم بالوحي، والكشف لهم عن أسرار علم الله. ولو لم تسلم أبدانهم عن المنفرات لكان انزعاج النفس لمرآهم حجة للمنكر في إنكار دعواهم، ولو كذبوا أو قبحت سيرتهم لضعفت الثقة بهم ولكانوا مضلين لا مرشدين، فتذهب الحكمة من بعثهم، والأمر كذلك فيما يتعلق بنسيان ما عهد إليهم تبليغه من العقائد والأحكام.