الإسلام والحرية:
إن موقف الأديان والمدنيات من الحرية ليس بعيدا عن موقفها من المساواة، فالطبقات في الهندوسية نصت على أن " الملك إلى في صورة إنسان فوق الأرض وإن كان طفلا رضيعا " وألزمت طبقات الشعب أن تقدم له أعمق الاجلال، ولم تدع الحرية لأحد من هذه الطبقات أن ينقده أو يعلق على تصرفاته، وقد جاء في شرائع " منو " ما يلي: ويأمر الملك بصب زيت حار في فم الشودرا وفى أذنيه إذا ما بلغ من الوقاحة ما يبدي به رأيا للبراهمة في أمور وظائفهم (1).
وحرمت الديانة اليهودية على الشعب اليهودي مناقشة الأحبار والكتبة والقديسين.
وفي المسيحية سرعان ما استولت الكنيسة على مقاليد السلطة، واستغلت الشعب المسيحي أسوأ استغلال مما أدى إلى وجود طوائف خارجة على الكنيسة، ولما شعرت الكنيسة بوجود المفكرين الذين خرجوا عما رسمته من قواعد وأصول، رأت في ذلك ما يهدد سلطانها ويضعف مركزها أمام تيار الفكر الحديث والعلم الأخذ في النماء، فانطلقت تقاوم وتجاهد تلك الأفكار وذلك العلم، فحاولت تكميم الأفواه البريئة، وتعطيل الأفكار الحرة التي تناقض نظرياتها، ومن هنا كان العداء الشنيع بين الكنيسة وحرية الفكر منذ ذلك الحين، وأصدرت قرارات بتحريم قراءة حوالي خمسة آلاف كتاب من بينها كتب جان جاك روسو وديكارت وفكتور هوجو وغيرهم (2) وعند ما ظهر القول بكروية الأرض - ذلك الأمر ذلك عرفه المسلمين وصار رأيا لهم منذ أول خلافة بني العباس - أحدث اضطرابا شديدا في عالم النصرانية، وهددت الكنيسة من يقول به (3).