وهكذا كان السبب الرئيسي للقتال هو الدفاع عن النفس والعرض والمال.
وهنا يبدو موضوع مهم يتصل بالحبشة تلك البلاد التي ليست بعيدة عن الجزيرة العربية والتي للمسلمين بها عهد منذ مطلع الإسلام، حتى أنهم هاجروا إليها قبل هجرتهم للمدينة. والسؤال المهم هو أن المسلمين لم يهاجموا الحبشة، لأن الحبشة لم تمسهم بسوء، ولو كان المقصود نشر الإسلام بالقوة لهاجموها، فهي أقل قوة من الفرس والروم. قد يقال إن البحر يحميها منهم، والجواب سهل، فقد ملك المسلمين بحرية قوية هاجموا بها القسطنطينية وسيطروا بواسطتها على أهم جزر البحر الأبيض المتوسط، ولكنهم لم يتجهوا للحبشة، فما كانت أعمال المسلمين الحربية إلا دفاعا وردا لاعتداء.
2 - تأمين الدعوة وإتاحة الفرصة للضعفاء الذين يريدون اعتناقها، فقد كانت الدعوة الإسلامية مهددة، وكانت قريش تسلك كل السبل للقضاء عليها، ثم كان هناك كثير من العرب يميلون للإسلام ويريدون الدخول فيه، ولكنهم كانوا يخافون أن ينزل بهم ما نزل بمن سبقوهم إلى الإسلام من عذاب وإيذاء، فأذن الله لرسوله وللمؤمنين أن يقاتلوا من قاتلهم، وأن يردوا بقوة السيف الاعتداء الذي قد ينزل بأحد منهم، قال تعالى: وما لكم لا تقاتلون في في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء (1).
3 - المحافظة على الأمة الإسلامية من أن تدكها جيوش الفرس والروم، فقبل الإسلام لم تكن هناك أمة عربية، وإنما كانت هناك قبائل عربية متحاربة متنافرة، ولذلك لم يكن الفرس والروم يقيمون حسابا للعرب، إذ كان العرب داخل جزيرتهم يصطرعون صراعا يكاد يكون متصلا، ولهذا غض الفرس والروم بصرهم عن الجزيرة العربية لأنها لم تكون وحدة يمكن أن تصبح خطرا على الدولتين المجاورتين في الشمال.