ليل الإنسانية الطويل لقد أحاط بالبشرية ظلام حالك قبيل بعثة محمد، كان ظلاما مطبقا، وكان ليلا طويلا، نشطت فيه الخرافات وانزوت الأفكار الصالحة، ودب الجهل وانكمش العلم، وعم اليأس وقل الأمل، وأوشكت الإنسانية أن تفقد كل ما حققته الأجيال الطويلة من تقدم، وأن تتردى في هوة سحيقة هي إلى عالم الحيوان أقرب.
تعال بنا نجل جولة سريعة نصور فيها حياة الجنس البشري آنذاك.
اليهودية:
بنو إسرائيل خصهم الله بكثير من فضله، وأرسل منهم لهم عدة من الرسل ليكونوا مصدر هداية ومبعث ضوء ورحمة، ولكن طبيعة أكثرهم كانت إلى الشر أميل، فراحوا يعتدون ويفسقون دون رادع من ضمير أو خلق، واستمرءوا الفجور فأنزلوا بأنبيائهم ألوانا من الاعتداءات الأثيمة دونتها كتبهم المقدسة (1) وصورها القرآن الكريم بقوله: " كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون " (2). وانتقم الله لأنبيائه ورسله من ضللة بني إسرائيل ومن نسلهم الذين يعلم الله أنهم سيسيرون كأسلافهم طغيانا وسوء سيرة، فجعلهم هدفا لمن ينزل بهم العذاب المهين إلى يوم الدين " وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " (3).