لمحة عن النظم الاقتصادية في الإسلام * الاتجاهات الاقتصادية قبل الإسلام:
لم تعرف الأديان السابقة على الإسلام الاقتصاد بمفهومه الصحيح، أي على أنه تنظيم لاحتياجات المجتمع ولطرق الكسب وطرق الإنفاق التي تناسبه، فالبوذية كرهت الثروة، وجعلت على الراغب في دخولها أن يتنازل عن ماله وعقاره ويحمل كشكوله للسؤال، وينضم للجماعة، وقد تسربت هذه الفكرة إلى المسيحية حيث يروي متي ومرقص ولوقا عن عيسى أنه قال لشاب غني أراد أن يدخل المسيحية: بع أملاكك وأعط ثمنها للفقراء وتعال اتبعني. فلم يقبل الشاب. فقال عيسى: يعسر أن يدخل غنى ملكوت السماوات، وأقول لكم أيضا إن مرور جمل في ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غنى ملكوت الله (1).
ويروي متي أيضا عن عيسى قوله. لا تكنزوا لكم كنوزا على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون (2).
ولكن أغلب البوذيين والمسيحيين لم يقنعوا بهذا الاتجاه في هذين الدينين، فراح أتباعهما يشرعون التشريعات الدنيوية التي ترضى شغفهم بالمادة، وهكذا اتجه أتباع المسيحية والبوذية إلى الرهبنة، أو إلى التشريع الدنيوي الذي اهتم بالمال على أنه كسب شخصي دون أن يبين دوره في خدمة المجتمع.