ويقدم علماء الكلام على توحيد الله دليلا سهلا قاطعا هو: إذا كان هناك تعدد آلهة فهل كل إله يستطيع أن يعمل وحده كل شئ أو أنه عاجز وحده عن ذلك؟ فإذا كان يستطيع وحده أن يعمل كل شئ فما فائدة الآلهة الآخرين؟ وإن عجز وحده عن ذلك كان بعيدا عن طبقة الألوهية، فالإله لا يمكن أن يكون عاجزا ولا أن تتوقف قوته على سواه.
صفات الله:
قصدنا بهذا العنوان " صفات الله " أن نوضح أن ذات الله توصف ولا تدرك، فالله سبحانه وتعالى خالق الكون، وطبيعة الخالق مخالفة لطبيعة المخلوق، كما يختلف النجار عن الباب الذي يصنعه، وعلى هذا يرشدنا القرآن إلى معرفة الله بآثاره الدالة على صفاته، وكمال جلاله وجماله، وتنزهه عن المماثلة لخلقه، أو الاتحاد، أو الحلول في شئ مما خلق، وأوصد أمام الإنسان باب التطلع إلى معرفة حقيقته وذاته، وصرفه عن محاولة التفكير في هذا الباب...
والعجز عن إدراك حقيقة الذات الأقدس عقيدة من عقائد الإيمان بالله، وهو نفسه برهان على سمو الألوهية الحقة عن الدخول في دائرة التفكير العقلي المحدود بطبيعته، والذي لا يجد مجالا لتخطي ما وراء الكون (1).
ويقول الإمام محمد عبده إن النظر في صفات الخالق يهدي بالضرورة إلى المنافع الدنيوية، ويضئ للنفس طريقها إلى معرفة من هذه آثاره، وعليها تجلت أنواره... وأما الفكر في ذات الخالق فهو طلب للاكتناه من جهة، وهو ممتنع على العقل البشري، لما علمت من انقطاع النسبة بين الوجودين، ولاستحالة التركيب في ذاته، وتطاول إلى ما لم تبلغه القوة البشرية من جهة