الأنبياء والعصمة:
بقي موضوع يتصل ببشرية الرسل أيضا، وهو جواز الخطأ على الأنبياء، وهذا الموضوع دقيق للغاية، وأغلب الكتاب يتحرزون من الخوض فيه خشية القول بجواز الخطأ على الأنبياء. ومنهم من خاض فيه باحثا عن البراهين التي تساعده على القول بعصمة الأنبياء، وعدم إمكان وقوع الخطأ منهم، وفي قمة هؤلاء، الشيعة الذين يثبتون عصمة الأنبياء وعصمة الأئمة أيضا، ويرون أن الرسول لو لم يكن معصوما من الزلل لقلت الثقة به ولانتفت فائدة البعثة (1).
وهناك كتب خصصها الشيعة لبحث ذلك الموضوع ولتأويل كل ما يحتمل خلاف العصمة، ومن أهم هذه الكتب كتاب " تنزيه الأنبياء " للسيد الشريف المرتضى، وفي هذا الكتاب يقرر المؤلف أن الشيعة يرون أنه لا يجوز على الأنبياء شئ من المعاصي والذنوب كبيرا أو صغيرا لا قبل النبوة ولا بعدها، ويقولون في الأئمة مثل ذلك (2).
والعجيب أن قول الشيعة بعصمة الأنبياء تسرب إلى أهل السنة، وأصبح رأي جمهور المسلمين، ولم يجد هذه الاتجاه معارضة تذكر من العلماء والباحثين المسلمين المحدثين، لأنه موضوع يتصل بالأنبياء، ويدفع الورع أغلب الباحثين فلا يتعرضون لرد ما قال به الجمهور، ولذلك نجد أستاذنا الإمام محمد عبده يذكر رأي الجمهور ويعلق بقوله: " ومن العسير إقامة الدليل العقلي أو إصابة دليل شرعي يقطع بما ذهب إليه الجمهور (3).