فلما وصل إلى تبوك ووجد أن جيوش الروم تراجعت لم يفكر في مهاجمة الروم، وإنما عاد أدراجه إلى المدينة.
علاقة الحالة الاقتصادية بالحروب:
بقي موضوع نحب أن نحققه بإنصاف وعمق، وهو مكانة الناحية الاقتصادية في الفتوح، وقد اهتم بهذه الناحية كثير من الباحثين، وعدها بعضهم العامل الرئيسي في التوسع الذي قام به العرب، يقول Thomas Arnold (1):
إن العرب شعب نشيط فعال، دفعته يد الجوع والحاجة إلى ترك صحاريه القاحلة، واجتياح الأراضي الغنية المجاورة المترفهة.
ويقول دوايت دونلدش: ونشك في الحقيقة فيما إذا كان الحماس الديني وحده كافيا لحملهم على القيام بهذه الغزوات الواسعة على البلاد المجاورة، ويبدو أنهم واصلوا اندفاعهم بسبب الحاجة الاقتصادية الشديدة (2).
ويقول Poole - lane - Stanley: إننا لا نستطيع أن ننكر أن ثروة الأكاسرة والقياصرة، والأراضي الخصبة، والمدن العامرة، في الممالك المجاورة كانت عاملا كبيرا في تحمس المسلمين لنشر الإسلام (3).
ويقول الدكتور فيليب حتى (4): إن الحاجة المادية هي التي دفعت بمعاشر البدو - وأكثر جيوش المسلمين منهم - إلى ما وراء تخوم البادية الفقراء، إلى مواطن الخصب في بلدان الشمال، ولئن كانت الآخرة أو شوق البعض إلى بلوغ جنة النعيم قد حبب لهم الوغى، فإن ابتغاء الكثيرين حياة الهناء والبذخ في أحضان المدنية التي ازدهر بها الهلال الخصيب كان الدافع الذي حبب لهم القتال.