ويلتحق مرة أخرى بإحدى حلقات الشيوخ، ومر الزمن وأصبحت هناك امتحانات وإجازات دراسية، ولكن الطلاب لا يزالون حتى اليوم يسيرون على نهج السابقين تقريبا، فإنني أذكر أنه كلما دخلت جامعة لا علم فيها لأول مرة، تنهال على أسئلة الطلاب وأرى في عيونهم التحفز ومحاولة التعجيز، فإذا أقنعتهم بكفاءتي ووضحت لهم ما غمض عليهم سلسوا لي وألقوا إلى الزمام.
والخلاصة أنك إذا قبلت الإسلام دينا، وارتضيت محمدا رسولا، كان عليك أن تعتقد بما جاء به، حتى بتلك النقاط التي لم يتضح لك كنهها وتظهر أسبابها، والقرآن الكريم هو قمة ما جاء به محمد، فليكن نورا نهتدي به، وشعاعا يبين لنا الطريق.
التجربة الشخصية:
هناك طريق آخر لمعرفة الله، وللايمان بأن للعالم خالقا يدبره وينظمه، وذلك الطريق هو التجربة الشخصية، وطريق التجربة الشخصية طويل، يحتاج إلى شئ من الدقة والصبر، ولكنه يؤدي إلى غاية دقيقة لا تحتمل الشك ولا التردد، وقد قال بهذا الطريق بعض مشاهير العلماء وفي قمتهم الإمام الغزالي، ولا يقصدون أن يقدموا لك دليلا على وجود الله وصفاته، بل أن يصفوا لك طريقا لتجد أنت خلاله الدليل، وحينئذ لا تجادل ولا تناضل.
والتجربة الشخصية يمكن أن يقوم بها شخص واحد، ويمكن أن تقوم بها نخبة محدودة من الأصدقاء، وفحواها أن يثبت الإنسان أدق الأحداث التي تمر به أو تحدث أمامه، ويؤكد القائلون بهذا الرأي أنه بعد فترة ليست طويلة ستجد ألا مناص لك من الإيمان بالله والاعتراف به، فستدرك أن الأحداث التي مرت بك ليست من المصادفات إطلاقا، وإنما هي ترتيب محكم دبره صانع حكيم.