لا رهبانية في الإسلام يرتبط هذا الموضوع بالموضوع الذي سبقه ارتباطا وثيقا أو قل إن موضوعنا هذا يترتب على الموضوع السابق وهو الروح والمادة في التفكير الإسلام، فإذا كان الإسلام يهتم بالروح والمادة في الفرد والجماعة، فإن معنى هذا أن الإسلام لا يوافق على الرهبانية، ومعناه كذلك أن الإنسان المسلم لا بد أن يعمل، لا أن يكون عالة على غيره يعمل له هذا الغير ويطعمه ويكسوه، ومع هذا فموضوع الرهبانية جدير بدراسة مستقلة لتبرز رأي الإسلام في أولئك الذين لجئوا للكهوف أو المعابد، وحرموا الزواج، واعتزلوا الناس، ظانين أن هذا اللون هو العبادة الحقة، وقد سبق أن قلنا إن العمل والكدح هما في الإسلام عبادة لا تقل عن سواها من العبادات، فلنأخذ في هذه الدراسة بإيجاز.
عبر القرآن الكريم عن طبيعة البشرية السليمة أصدق تعبير عندما قال: " فمن الناس من يقول: ربنا آتنا في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق، ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة (1) " فقد قسم الله تعالى الناس قسمين أحدهما يريد الدنيا فقط والقسم الثاني يريد الدنيا والآخرة، وأهمل سبحانه وتعالى جماعة شذت عن الطبيعة البشرية، وأهملت الدنيا إهمالا تاما، وحسبت أن من الخير لها أن توجه كل اهتمامها للآخرة، فلجأت إلى الصوامع والبيع والكهوف، وجعلت دستورها الرهبانية والتبتل.
وجدير بهذه الجماعة أن يهملها الإسلام، لأن سلوكها ليس طبيعيا، والإسلام دين الطبيعة والفطرة.