سبعين رجلا من أتقيائهم، ولكن هؤلاء هتفوا به: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة (1).
تلك صور من ضلالات بني إسرائيل في حياة موسى وفي حياة هارون، أما ضلالاتهم بعد ذلك فتكاد تكون سلسلة من البغي، يقتلون فيها النبيين، ويحرفون الكلم عن مواضعه، وهكذا، حتى خلا التاريخ أو كاد من هداية روحية يقدمها رجل من بني إسرائيل إلى الجنس البشري، أو شعاع من الضوء النفسي يكون فيه للإنسانية هدى أو بصيرة.
المسيحية بين الشرق والغرب (*):
وجاءت المسيحية وقد تكالب اليهود على المادة، ورأوا فيها كل مقومات الحياة، وتفننوا في خلق الطرق للحصول على المال وتنميته، غير مبالين بالوسائل التي يصطنعونها لنجاحهم في ذلك، فهانت بهذا القوى الروحية والمثل العليا، فاتجهت المسيحية لمعالجة هذا الداء، واتجه السيد المسيح عليه السلام إلى الدعوة للصفاء الروحي والرحمة والتسامح والزهد، وخلت المسيحية إلا من لمحات ضئيلة عن النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا تكاد تذكر، وأولى المسيح عنايته لتطهير النفس والروح ومحاربة الجسم والمال، ومما أثر عنه في ذلك قوله:
- سمعتم أنه قيل عين بعين، وسن بسن، وأما أنا فأقول لكم:
لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء، ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين (2).