أما اليهودية فقد وضعت للمال أساسا عنصريا خطيرا، ففرقت بين التعامل مع اليهودي وبين التعامل مع غيره، فأباحت التوراة الربا مع الأممي وحرمته مع اليهودي (1)، كما أباحت بروتوكولات حكماء صهيون أن يعامل اليهود غير اليهود بالخديعة والنفاق والكذب، وسرقة الأموال وإتلافها كلما أمكنهم ذلك (2).
ويمكن أن نقارن هذا الاتجاه بالاتجاه الإسلامي الرشيد فقد روي أن عمر رأى شيخا يهوديا يسأل الناس. فسأله عمر: ما الذي حملك على السؤال؟
فأجال الرجل. الحاجة والسن، فأخذه عمر بيده وذهب إلى منزله فأعطاه عطاء سخيا، ثم أرسله إلى خازن بين المال مع رسالة قال فيها: انظر هذا وضرباءه فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، إنما الصدقات للفقراء والمساكين، وهذا من مساكين أهل الكتاب (3).
تلك لمحة يسيرة نحو سياسة المال كما رأتها الأديان والأفكار التي سبقت الإسلام، وسنبدأ الآن في التعريف باتجاهات الإسلام الاقتصادية، وسنرى منها أن الإسلام نظر إلى المال نظرة اجتماعية لم تنس الفرد، فهو يعترف بالملكية الفردية ولكن على ألا يكون فيها حرمان المجتمع أن إنزال الجور به، فلنأخذ الآن فيما اتجهنا إليه:
تقديم عن الاتجاه الاقتصادي في الإسلام:
كما أن للإسلام نظمه الخاصة في السياسة، كذلك له نظمه الخاصة في الاقتصاد، تلك النظم التي لا تنضوي تحت أي من النظم الاقتصادية المعروفة.