إليها وانقطاع رأي الشعب، بل توضحان أن واجب الحاكم أن يستشير ليس فقط أهل الحل والعقد، بل أن يستشير جماعات أوسع من المسلمين كلما حزب أمر، بل أن يستشير المسلمين جميعا في مهام الأمور إذا أمكن ذلك، بطريق الاستفتاء العام، أو أي طريق آخر، والآية الأولى تصوغ هذه الفكرة صياغة راتعة، فهي لا تتجه إلى أسلوب الأمر بالمشاورة، وإنما توضح أن المشكلات إنما هي مشكلات الأمة، وأن الأمور أمورها، فطرح هذه المشكلات للأمة للتشاور، ولرغبة الوصول إلى حل سليم، أمر عادي، هو في الحقيقة وضع للأمور في نصابها وإعطاء الحق لصاحبه.
أما الآية الثانية فلم تكتف بالأمر بالمشاورة، وإنما رسمت أخلاق الإسلام وروحه التي يجب أن يتحلى بها الحاكم، فأوصته بالرحمة، ولين الجانب، والعفو، والتسامح، والدعاء للمسلمين بالمغفرة، وكل هذه المظاهر تمهيد للمشاورة، وهي تجعل الشعب يحس بحرية تامة فيبدي رأيه بصراحة ووضوح في المشكلات التي يعرضها الحاكم للتشاور.
ممن نسخه الحكومة الإسلامية سلطانها؟.
الحكومة الإسلامية تستمد سلطانها المباشر من الشعب لا من الله، لأن الشعب هو الذي اختارها، فتسلمت السلطة بناء على هذا الاختيار، ولولا اختيار الشعب لها ما نالت هذه السلطة. وفي ذلك يقول الشاعر مخاطبا عمر ابن الخطاب:
أنت الإمام الذي من بعد صاحبه * ألقى إليك مقاليد النهى البشر وقد حصل الشعب على هذه السلطة من الله، فالبشر خلفاء الله في أرضه. قال تعالى: " وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في