إنهم أشبه بأعمى تضعه أمام لوحة فنية ممتازة، أو أصم تصحبه إلى حفل موسيقى، فسرعان ما يضيق به هذا وذاك، لأن كلا منهما لا يستمتع بما فيه من لذة، ولم يصل إلى شغاف نفسه ما به من جمال.
قل لي بربك: من ذا الذي يضيق بجلسة مع خالقه ورازقه، ومن ذا الذي يضيق بحديث يوجهه إلى ربه يشكره ويذكره ويدعوه.
ما من لحظة يلتقي الإنسان فيها التقاء صحيحا بربه إلا وتمنى أن تطول، فإذا ضقت ذرعا بالصلاة فلتبحث عن الداء الذي دفعك إلى هذا الضيق، وأغلب الظن أنه ما ديتك، أي أنك مرتبط بالمادة منجذب لها، فلا تستطيع أن تصل إلى سماء الروحانيات، واسأل نفسك كم ساعة تضيع كل يوم في الأكل والشرب واللهو، وسترى أن وقت الصلاة ضئيل جدا إذ قيس بأوفات الماديات التي تحيط بك.
وهناك مقياس واضح وضعه الإسلام لتعرف به مقدار البر في صلاتك، قال تعالى: " أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر (1) " ويعني هذا أن وقفتك الحقيقية أمام الله مصليا ستطهر نفسك وتبعد الرجس عنك، وكلما رأيت رجلا يصلي ولكنه يقدم على الفحشاء والمنكر، فلتعرف أن صلاته حركات لا مغزى لها، وأقواله خالية من المعاني.
الزكاة:
ماذا نقول عن الزكاة في الإسلام وما بها من ثقافة روحية؟ لقد طاف العالم برحلة طويلة منذ بدء البشرية حتى الآن، وشهد العالم في أثناء هذه الرحلة فيضا من الدماء وألوانا من الحروب التي نشأت عن المال بسبب التزاحم عليه