يحذرا من عقوبته فكيف يستنكر منهما مخالفته نصه في إمامة علي (عليه السلام) بعد وفاته وعلمهما أنه قد فارق الدنيا وأنه لا يأمر بعد ذلك ولا ينهى، أفيرتاب عاقل عالم قد علم بمخالفتهما الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما ذكرناه في جواز أن يخالفا نصه في الإمامة مع ارتكاب خطر العقوبة في الأول والأمن منها في الثاني؟ وهل يصفهما ذو عقل صحيح وذوق رجيح بعدم إمكان المخالفة كما فعل ابن أبي الحديد فواعجبا من قوم هم من ذووي التحقيق يروون شيئا ويحققونه ثم يزعمون عدم إمكان واستحالة وقوعه [فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم] (1) ولعمري لقد أصابتهم الفتنة من غير شك ولا شبهة وبالله المستعان.
وفي حديث: أم سلمة المتقدم مع عائشة قالت: وأذكرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله في سفر له وكان علي (عليه السلام) يتعاهد نعلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيخصفها، ويتعاهد أثوابه فيغسلها، فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة، وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه، فقمنا إلى الحجاب، فدخلا عليه فحادثاه فيما أراد، ثم قالا: يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا، فقال لها: (أما إني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنوا إسرائيل عن هارون بن عمران) فسكتا ثم خرجا، فلما خرجنا إلى رسول الله (عليه السلام) قلت له وكنت أجرأ عليه منا: من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال: (خاصف النعل) فنزلنا فلم نر أحدا إلا عليا، فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا عليا فقال:
(هو ذاك) فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك، فقالت: فأي خروج تخرجين