قلت: وهذا الخبر الذي رواه العقيلي تدل القصة على أنه متواتر بين الناس لا سبيل لأحد إلى إنكاره فلهذا لم ينكره من القوم منكر، ولا قال منهم قائل، بل كلهم سلموا لراويه مع أنه جل من في ذلك المجلس مبغضون لأمير المؤمنين، ولا مانع لهم من الطعن في الخبر لو لم يكن معلوما من تقية أو خوف لا سيما عمر بن عبد العزيز فإنه السلطان القاهر إذ ذاك، وقد أقر بأنه روى الحديث ووعاه، فلا شك إذن في صدق الحديث ومعلوميته وما مضى من أحاديث السيادة والاختيار والمحبة ومماثلة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وما يأتي من الأخبار مثل تشبيهه بالأنبياء وغير ذلك كلها تعضد هذه الأخبار المصرحة بأنه خير الخلق وأفضل الأمة في دلالتها، ثم إن نصها على أفضلية علي (عليه السلام) على الأمة، بل على الخلق كافة بمعنى كثرة الثواب وإطلاقها يدل على أفضليته بمعنى الأجمع للخصال المحمودة لشمول الخيرية والأفضلية لذلك، مع أن هذا المعنى لا ينازع فيه عاقل وسنوضحه إن شاء الله.
وروى ابن أبي الحديد أن قيس بن سعد بن عبادة لما أتى مصر عاملا لعلي (عليه السلام) قام خطيبا على المنبر وقال بعد الحمد لله والثناء عليه وما أراد أن يذكره: أيها الناس إنا بايعنا خير من نعلم بعد نبينا يعني عليا (عليه السلام) فقوموا فبايعوا على كتاب الله فإن نحن لم نعمل فيكم بكتاب الله فليس لنا عليكم طاعة (1).
وقال المعتزلي أيضا: وروى أبان بن أبي عياش قال: سألت الحسن البصري عن علي (عليه السلام) فقال: ما أقول فيه كانت له السابقة والفضل والعلم والحكمة والفقه والرأي والصحبة والنجدة والبلاء والزهد والقضاء والقرابة، أن عليا كان في أمره عليا، رحم الله عليا وصلى عليه،