بالباطل، لأن كل طائفة من الحنفية والمالكية والشافعية مقرة بأن التقليد لا يحل، وأئمتهم الثلاثة قد نهوا عن تقليدهم، ثم مع ذلك خالفوهم وقلدوهم، وهذا عجب ما مثله عجب، حيث أقروا ببطلان التقليد، ثم دانوا الله بالتقليد (1). وقال ابن القيم في أعلام الموقعين: إن العالم قد يزل ولا بد، إذ ليس بمعصوم، فلا يجوز قبول كل ما يقوله، وينزل منزلة قول المعصوم، فهذا الذي ذمه كل عالم على وجه الأرض، وحرموه وذموا أهله، وهو أصل بلاء المقلدين وفتنتهم، فإنهم يقلدون العالم فيما زل وفيما لم يزل فيه، وليس لهم تمييز بين ذلك، فيأخذون الدين بالخطأ ولا بد، فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، ويشرعون ما لم يشرع، ولا بد لهم من ذلك إذا كانت العصمة منتفية عمن قلدوه، فالخطأ واقع منه ولا بد (2).
وقال المعصومي: لما غير المسلمون أوامر رب العالمين، جازاهم الله تعالى بتغيير النعمة عليهم، وسلب عنهم الدولة، وأزال عنهم الخلافة، كما تشهد به آيات كثيرة. فمن جملة ما غيروا:
التمذهب بالمذاهب الخاصة، والتعصب لها ولو بالباطل، وهذا [بدعة] لا شك فيه ولا شبهة، وكل بدعة تعتقد دينا وثوابا فهي ضلالة (3).
وقال ابن حزم أيضا: فليعلم من أخذ بجميع أقوال أبي حنيفة أو جميع أقوال مالك، أو جميع أقوال الشافعي، أو جميع أقوال أحمد رضي الله عنهم، ولم يترك من اتبع منهم أو من غيرهم إلى قول غيره ، ولم يعتمد على ما جاء في القرآن والسنة، غير صارف لذلك إلى قول إنسان بعينه، أنه خالف إجماع الأمة كلها، أولها عن آخرها بيقين لا إشكال فيه، وأنه لا يجد لنفسه سلفا ولا