ثم إن القائلين بوجوب اللطف ذكروا له شرطين:
الأول: أن لا يكون له حظ في التمكين وحصول القدرة، إذ العاجز غير مكلف فلا يتصور اللطف في مورده.
الثاني: أن لا يبلغ حد الإلجاء ولا يسلب عن المكلف الاختيار، لئلا ينافي الحكمة في جعل التكليف من ابتلاء العباد وامتحانهم.
ومن هنا يتبين وهن ما استدل به القائل بعدم وجوب اللطف، حيث قال:
" لو وجب اللطف على الله تعالى لكان لا يوجد في العالم عاص، لأنه ما من مكلف إلا وفي مقدور الله تعالى من الألطاف ما لو فعله به لاختار عنده الواجب واجتنب القبيح ". (1) أقسام اللطف اللطف إما من فعل الله تعالى، ويجب في حكمته فعله كالبعثة، وإلا عد تركه نقضا لغرضه كما مر، أو من فعل المكلف، وحينئذ فإما أن يكون لطفا في تكليف نفسه، ويجب في حكمته تعالى أن يعرفه إياه ويوجبه عليه، وذلك كمتابعة الرسل والاقتداء بهم، أو في تكليف غيره، وذلك كتبليغ الرسول الوحي، ويجب أن يشتمل على مصلحة تعود إلى فاعله، إذ إيجابه عليه لمصلحة غيره مع خلوه عن مصلحة تعود إليه ظلم وهو عليه تعالى محال. (2)