في اصطلاح المفسرين وأهل التشريع أن الله يشرع حكما كالوجوب أو التحريم، ويبلغه لنبيه، وبعد أن يعمل النبي وأمته بموجبه يرفع الله هذا الحكم وينسخه ويجعل في مكانه حكما آخر، لإنهاء الأسباب الموجبة لبقاء الأول واستمراره، وهذا النوع من النسخ ليس بعزيز، فإنه موجود في الشرائع السماوية والوضعية واستدل المسلمون على جوازه ووقوعه بأدلة، منها: إن الصلاة كانت في بدء الإسلام لجهة بيت المقدس ثم نسخت وتحولت إلى جهة البيت الحرام، كما نطقت الآية 144 من سورة البقرة (فول وجهك شطر المسجد الحرام).
ونتسائل إذا جاز النسخ على الله بهذا المعنى في الأمور التشريعية فهل يجوز عليه ذلك في الأشياء الكونية والطبيعية، وذلك بأن يقدر الله ويقضي بإيجاد شئ في الخارج ثم يعدل ويتحول عن قضاءه وإرادته؟
اتفق المسلمون جميعا على عدم جواز النسخ في الطبيعيات لأنه يستلزم الجهل وتجدد العلم لله وحدوثه بعد نفيه عنه، تعالى عن ذلك علوا كبيرا، ويسمى هذا بالبداء الباطل، وقد نسبه البعض إلى الإمامية جهلا أو تجاهلا رغم تصريحاتهم المتكررة بنفيه.
روى الشيخ الصدوق في كتاب (إكمال الدين وإتمام النعمة) عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شئ لم يعلمه أمس فابرؤا منه.
وبعد أن نفى المسلمون جميعا البداء بهذا المعنى أجازوا بداء لا يستدعي الجهل وحدوث العلم لذات الله، وهو أن يزيد الله في الأرزاق والأعمار أو ينقص منهما بسبب أعمال العبد. قال المفيد شيخ