لكان نفيه للقضية ليس من باب بطلان التواتر، بل لليقين المخالف والمعتقدات المنحرفة المسيطرة على مشاعره الحاصلة عنده قبل انعقاد التواتر.
لذا أنكر من أنكر تواتر النص على أمير المؤمنين (عليه السلام)، لاعتقادهم الباطل بنفي النص.
نعم قد يحصل العلم بالتواتر عند بعض ولا يحصل عند آخر لجهله بمقدماته مثلا.
- قال القاضي عياض: ولا يبعد أن يحصل العلم بالتواتر عند واحد ولا يحصل عند آخر، فان أكثر الناس يعلمون بالخبر وكون بغداد موجودة وأنها مدينة عظيمة ودار الإمامة والخلافة، وآحاد من الناس لا يعلمون اسمها فضلا عن وصفها (1).
- وقال صاحب الفصول: خبر جماعة يمنع تواطؤهم على الكذب - يفيد العلم بصدقه لكثرتهم.
- وقال الحافظ ابن قدامة: (وأعلم رحمك الله أنه ليس من شرط التواتر الذي يحصل به اليقين أن يوجد التواتر في جزء واحد، بل متى نقلت أخبار كثيرة في معنى واحد من طرق يصدق بعضها بعضا، ولم يأتي ما يكذبها أو يقدح فيها حتى استقر ذلك في القلوب واستيقنه، فقد حصل التواتر وثبت القطع واليقين، فانا نتيقن وجود حاتم وان كان لو يرد به خبر واحد مرضي الاسناد لوجود ما ذكرنا، وكذلك عدل عمر (2)، وشجاعة علي وعلمه (3)) (4).
- وقال النووي: والعدد المعين لا يشترط في التواتر بل ما أفاد العلم كاف والصفات العلية في الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه (5).