يراجع الإمام الأعظم: اتهام أبي حنيفة بالإرجاء وأنه داعية إلى البدع، غير مقبول من ابن حبان ومن شاركه هذا القول على إطلاقه، ونلخص القول في ذلك بما جاء في كتاب اللكنوي (الرفع والتكميل 154):
جملة التفرقة بين اعتقاد أهل السنة وبين اعتقاد المرجئة: أن المرجئة يكتفون في الإيمان بمعرفة الله ونحوه ويجعلون ما سوى الإيمان من الطاعات وما سوى الكفر من المعاصي غير مضرة ولا نافعة ويتشبثون بظاهر حديث: من قال لا إله إلا الله دخل الجنة.
وأهل السنة يقولون: لا تكفي في الإيمان المعرفة، بل لا بد من التصديق الاختياري مع الإقرار اللساني، وأن الطاعات مفيدة والمعاصي مضرة مع الإيمان توصل صاحبها إلى دار الخسران.
والذي يجب علمه على العالم المشتغل بكتب التواريخ وأسماء الرجال أن ( يعرف أن) الإرجاء يطلق على قسمين: أحدهما الإرجاء الذي هو ضلال. وثانيهما الإرجاء الذي ليس بضلال، ولا يكون صاحبه عن أهل السنة والجماعة خارجا.
ولهذا ذكروا أن المرجئة فرقتان: مرجئة الضلالة، ومرجئة أهل السنة. وأبو حنيفة وتلامذته وشيوخه وغيره من الرواة الإثبات إنما عدوا من مرجئة أهل السنة لا من مرجئة الضلالة.
ثم يقول أيضا في ختام مناقشته لهذا الموضوع 161: وخلاصة المرام في هذا المقام أن الإرجاء: قد يطلق على أهل السنة والجماعة من مخالفيهم المعتزلة الزاعمين بالخلود الناري لصاحب الكبيرة، وقد يطلق على الأئمة القائلين بأن الأعمال ليست بداخلة في الإيمان وبعدم الزيادة فيه والنقصان - وهو مذهب أبي حنيفة وأتباعه - من جانب المحدثين القائلين بالزيادة والنقصان وبدخول الأعمال في الإيمان. وهذا النزاع وإن كان لفظيا كما حققه المحققون من الأولين والآخرين لكنه لما طال وآل الأمر إلى بسط كلام الفريقين من المتقدمين والمتأخرين، أدى