عاقل في حالة سيطرة عقله على منطقه، فضلا عن الأتقياء الأبرار.
وإنما غرضنا بيان تهافت منطق هذه الأحاديث في منح الشفاعة والحرمان منها!
فهذا المنطق يقول: يجوز للصحابي أن يحكم بفسق الصحابي الآخر أو كفره، وأن يسبه ويهينه ويضربه ويحبسه ويشهر عليه سيفه ويقتله، أو يكيد به ويقتله بالسم أو بالاغتيال، ويجوز له أن يستعمل كل أساليب السياسة والمناورة والمخادعة ضده، وأن يجمع حوله الناس بالرشوة والتهديد.. وأن يخرج على إمام زمانه ويسبب انشقاقا في الأمة وحروبا يقتل فيها عشرات ألوف المسلمين، وأن يرتكب كل المحرمات.. ولا بأس بذلك كله، لأنه مغفور له مشمول بشفاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو مستحق للجنة بدون شفاعة!!
أما غير الصحابة من المسلمين فلو انتقد صحابيا ولو انتقادا صغيرا.. فقد شمله مرسوم الحرمان النبوي من الشفاعة وصار مخلدا في النار!!
إنه منطق يستشكل في الحبة ويأكل القبة! ولا يمكن أن يكون مما أنزله الله تعالى على رسوله (صلى الله عليه وآله)!
بل إن صيغة الحديث (لا تسبوا أصحابي) وأمثاله يصعب تعقل صدورها عن النبي (صلى الله عليه وآله) لأن مخاطبيه هم أصحابه، فكيف يقول لهم: لا تسبوا أصحابي أو اقتدوا بأصحابي!
* * وأخيرا، فإن أحاديث فضل الصحابة ووجوب مودتهم وموالاتهم وحرمة بغضهم وانتقاصهم وانتقادهم.. يصعب فهمها بل لا يمكن فهمها إلا بالمقارنة مع الآيات والأحاديث المشابهة الواردة في حق أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) مثل قوله تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، وقوله: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.. وأحاديث: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وأهل بيتي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، ولا يؤمن أحدكم حتى