(الثالث) التعارض بين الخبرين في صورة التساوي من جميع الجهات فيتساقطان حينئذ ويرجع إلى الأصل في المقام، وهو يختلف حسب اختلاف المقام: ففي حق الناس مالا كان أو غيره يجب الإيصال أو الاستحلال إلى صاحب الحق ومن صاحب الحق ولا تبرأ الذمة إلا بما ذكر وهو قاعدة الاشتغال وفي حق الله المحض يرجع إلى عمومات التوبة، ومع شرائطها يرفع العقاب عنه منا من الله العزيز إلى العباد لا بنحو الاستحقاق بل بنحو التفضل والامتنان على العاصي من العاصي من المفضل المنان.
وتوضيح الكلام فيما ذكر يتوقف على بيان المراد من حديث (الإسلام يجب ما قبله) وحديث (التوبة تجب ما قبلها) وأمثال ذلك، فنقول:
إن (الإسلام يجب ما قبله) نوع من أنواع التوبة وفرد من أفرادها والتوبة واجبة على كل واحد ولا يجوز تأخيرها، ويقبل الله توبة العباد مع تحصيل شرائط التوبة حسب وعده تعالى شأنه منة على العباد وهو يفي بوعده ويفعل ما يشاء في وعيده.
وهذا مسلم لا شك فيه، وإنما الإشكال في مقام آخر، وهو أنه هل يرفع جميع الآثار أو بعضها: فتارة يقال برفع العقاب فقط في فحق الله المحض كشرب الخمر مثلا، وحق 2 الناس المحترم من المسلم و المؤمن وأهل الكتاب وغيره ممن استجار بأحد من المسلمين والمؤمنين فأجاره حتى يسمع كلام الله تعالى، ووجوب 3 أداء الغسل ورفع النجاسة وتحصيل الطهارة وغير ذلك من الحكم الوضعي. ففي جميع ما ذكر العقاب ثابت ويرفع عن المكلف منة من الله عليه كما نقلنا عن مجمع البحرين، فرفع