ولا فرق بين الافتاء والقضاء، لاشتراك دليلهما في الكتاب والسنة، وعلى فرض عدم تمامية الدليل من حيث الدلالة والسند هما مشتركان في الأصل الجاري وهو عدم جواز الافتاء والقضاء ولو باعتبار أصل ثانوي في القضاء أو فيهما لعدم الإذن العام فيهما، لفرض عدم ثبوت الإذن العام وانحصار منصب القضاء بالنبي ووصيه.
والفرق بأن الافتاء منصب إلهي بعد الولاية بخلاف القضاء. غير سديد لأنه منصب أيضا كما يأتي.
والفرق بأن باب القضاء راجع إلى الموضوع الخارجي الخاص بخلاف الفتوى فإنه استنباط حكم كلي من الأدلة مع القدرة على تطبيقه على الجزئيات والفروع. ليس بفارق، لأن في غاير باب القضاء أيضا موضوعات خارجية بعضها يتسامح فيه، ولم يردع هذا التسامح الذي عند العرف، وبعضها لا اعتبار بتسامحهم بل نظر الشارع المقدس بنحو الدقة ولا اعتبار بتسامحهم.
فالقسم الأول مثل الماء المخلوط بالطين مثلا بحيث يصدق إطلاق الماء عليه، وكذلك الحنطة والشعير والذهب والفضة، بحيث لا يخرجه عن صحة إطلاق الاسم وغير ذلك.
والقسم الثاني مثل ثمانية فراسخ لوجوب قصر الصلاة والافطار وموضوع الكر وتحديده بسبعة وعشرين شبرا مثلا وغير ذلك بحيث لا اعتبار بالتسامح العرفي ولو كان ناقصا مقدار إصبع أو مثاقيل لا يوجب نقصان الصلاة ولا يرفع النجاسة بل يصير متنجسا.
ولا يخفى أن تمييز موارد ما ذكر ليس بنظر العمي بل الاعتبار بنظر المجتهد