مسجدا، لا تتأتى له في كل موضع من المواضع التي يرتادها المسلم في حله وترحاله، بل وأنى له ذلك وهذه الأماكن ترتادها أصناف مختلفة من البشر، مسلمين كانوا أم غيرهم، ملتزمين بأصول الطهارة أم غير ذلك، وفي ذلك محنة كبيرة تواجه المسلم في صلاته لا يجد مناصا من أن يتخذ لنفسه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها، يسجد عليها لدى صلاته حذرا من السجدة على الرجاسة والنجاسة، والأوساخ التي لا يتقرب بها إلى الله قط ولا تجوز السنة السجود عليها ولا يقبله العقل السليم، خصوصا بعد ورود التأكيد التام البالغ في طهارة أعضاء المصلي ولباسه والنهي عن الصلاة في مواطن منها:
المزبلة، والمجزرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومواطن الإبل، بل والأمر بتطهير المساجد وتطييبها (1).
وهذه القاعدة كانت ثابتة عند السلف الصالح وإن غفل التاريخ عن نقلها، فقد روي: أن التابعي الفقيه مسروق بن الأجدع المتوفى عام 62 كان يصحب في أسفاره لبنة من المدينة يسجد عليها. كما أخرجه بن أبي شيبة في كتابه المصنف، باب من كان حمل في السفينة شيئا يسجد عليه. فأخرج بإسنادين أن مسروقا كان إذا سافر حمل معه في السفينة لبنة يسجد عليها (2).
إلى هنا تبين أن التزام الشيعة باتخاذ التربة مسجدا ليس إلا لتسهيل الأمر للمصلي في سفره وحضره خوفا من أن لا يجد أرضا طاهرة أو حصيرا طاهرا فيصعب الأمر عليه، وهذا كادخار المسلم تربة طاهرة لغاية التيمم عليها.