وأما السر في التزام الشيعة استحبابا بالسجود على التربة الحسينية فإن من الأغراض العالية والمقاصد السامية منها، أن يتذكر المصلي حين يضع جبهته على تلك التربة، تضحية ذلك الإمام بنفسه وأهل بيته والصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة والمبدأ ومقارعة الجور والفساد.
ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة، وفي الحديث " أقرب ما يكون العبد إلى ربه حال سجوده " فيناسب أن يتذكر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية، أولئك الذين جعلوا أجسامهم ضحايا للحق، وارتفعت أرواحهم إلى الملأ الأعلى، ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع، وتحتقر هذه الدنيا الزائفة، وزخارفها الزائلة، ولعل هذا هو المقصود من أن السجود عليها يخرق الحجب السبع كما في الخبر، فيكون حينئذ في السجود سر الصعود والعروج من التراب إلى رب الأرباب (1).
وقال العلامة الأميني: نحن نتخذ من تربة كربلاء قطعا لمعا، وأقراصا نسجد عليها كما كان فقيه السلف مسروق بن الأجدع يحمل معه لبنة من تربة المدينة المنورة يسجد عليها، والرجل تلميذ الخلافة الراشدة، فقيه المدينة، ومعلم السنة بها، وحاشاه من البدعة. فليس في ذلك أي حزازة وتعسف أو شئ يضاد نداء القرآن الكريم أو يخالف سنة الله وسنة رسوله " صلى الله عليه وآله وسلم " أو خروج من حكم العقل والاعتبار.
وليس اتخاذ تربة كربلاء مسجدا لدى الشيعة من الفرض المحتم، ولا من واجب الشرع والدين، ولا مما ألزمه المذهب، ولا يفرق أي أحد منهم منذ أول