إن الطريق المهيع لكسح الخلاف، وتقريب السبل، وتداني الآراء، هو دراسة الآراء والمقارنة ما بينها في العقيدة والشريعة، فعند ذاك يتجلى الحق في إطار النقاش بصورة واضحة ويرجع المخطئ المنصف عن خطئه، ويدعم الحق برجوع الآخر إليه.
إن المذاهب الفقهية ثمرة ناضجة لدراسة الكتاب والسنة وتراث إسلامي وصل إلينا من المشايخ الكبار فللخلف النظر إليها بالإكبار والتقدير، فإنها جهود رجال نذروا حياتهم في استثمار تلك الشجرة الطيبة. ولكن ذلك لا يعني عدم جواز النقاش فيها على ضوء المنطق الصحيح فإن التقاء الفكرين أشبه بالتقاء الأسلاك الكهربائية التي يتفجر منها النور.
ففي ضوء هذا الأصل نستعرض في هذه الرسالة مسائل فقهية اختلف فيها مذهب فقهاء الشيعة مع سائر المذاهب الفقهية وليس الاختلاف ناجما عن الرغبة في الإطاحة بالحق. بل هو أمر طبيعي في كل علم له مسائل نظرية تستنبط من أصول وضوابط. فابتغاء الوفاق في جميع المسائل أمر في غير محله.
وقد سبقنا في هذا النمط من البحث سيدنا الجليل العلامة الأكبر السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي (1290 - 1377) المغفور له، ف آثرنا مواقفه وخطواته، ومشينا على الخط الذي مشى عليه في النقاش والجدال في كتابه المعروف ب " مسائل فقهية " وإن كانت المسائل مختلفة جوهرا لكنها متشاكلة عرضا واستدلالا.
وقد اخترنا للبحث المسائل التالية ورتبناها حسب ترتيب الكتب الفقهية: