الخصوبة الفكرية المستمرة وطبيعي أن يعلن الإسلام وهو المبدأ الواقعي حرية الاجتهاد والاستنباط نظرا لأنه دين الحياة، ونظرا لأنه يعطي رأيه في كل واقعة، والوقائع متكثرة والإسلام إذ يفتح باب الاجتهاد يمنح المتخصصين والعلماء كل القواعد وكل المنابع الواضحة، ويعين كل الشروط التي تضمن للعملية الاجتهادية أن تبقى في الخط العام تنتج وتثمر وتتعامل مع الواقع منطلقة من الرؤية المبدئية فإذا الاجتهاد، انطلاقة مبدئية، وثراء علمي وقدرة على استيعاب الجديد وامتداد مع المسيرة الفطرية الصافية نحو الغد المرسوم هكذا شاء الله تعالى للاجتهاد أن يكون مصدر عظمة، ومصدر توحد، ولا خير في أن تختلف النتائج وتختلف الآراء إن كانت جميعا في الخط العام.. وما ورد من النصوص الناهية عن الاختلاف إنما تنصب على الموقف العملي الاجتماعي والسياسي للأمة في حين تصور البعض أنها تشير للاختلاف الاستنباطي الفقهي أو المفهومي وليس الأمر كذلك.
هذه الحقائق كان ينبغي للقادة والعلماء أن يعلنوها بكل صراحة وأن يمرنوا الأمة عليها وهذا هو ما أكده الإسلام ورسوله العظيم وأهل بيته الطاهرون، ومن هنا أمكننا أن نقول إن مدرسة أهل البيت - عليهم السلام - كانت من أهم المدارس مرونة ورحابة صدر، يجلس فيها أئمة المذاهب لينهلوا من علومها ويرشفوا من معينها الصافي بروح الإخوة والمحبة الخالصة.
إلا أن عصور الظلمة، ودسائس الأعداء، وجهل البعض حول هذه الحالة الأخوية مع الأسف أدت إلى حالات تنافر وتباعد، وتصور بعض العامة أن الاختلاف في الآراء الفقهية يعني الاختلاف في المواقف الإسلامية الاجتماعية.
وهذا الكتاب القيم يعبر عن محاولة علمية جادة تجمع بين الرأي العلمي القوي والنظرة الاجتماعية القويمة واللغة السمحة لبيان الموقف في بعض الموارد الفقهية المختلف فيها مما يؤكد ما قلناه... وسماحة آية الله الشيخ السبحاني رجل غني عن التعريف... خصوصا وإن نتاجه العلمي الثر وقدرته الاستقلالية الفائقة تبدو بوضوح من كتبه الكثيرة والغزيرة بمعلوماتها.
وإننا إذ نسأل الله جل وعلا أن يوفق كل القراء الكرام للانتهال من هذا المنهل العذب لنرجوه عز وجل أن يوفقنا جميعا لوعي أهداف رسالتنا والعمل بجد ووعي على تحقيقها بما نستطيع إنه السميع المجيب.
الشيخ محمد علي التسخيري الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت - عليهم السلام -