تقترب من الكمال، وقد أجمع الناس على ما امتازت به خلقا وخلقا، فلم تخضع للمال الذي يفيض عليها من تجارتها، ولم تستعبدها التجارة فتتحكم في خصالها وتجعلها لتحقيق رغبة أو لتجني ثمرة إنما هي التي تخضع كل هذا لعاطفة سامية.
قال العلماء والكتاب في تحليلها: كانت نفسها مشغولة عن الناس وعن التحدث في أمورهم بالبحث والسؤال عما وراء هذه الحياة، كانت تسأل عن الرسل الذين أرسلوا وعن الرسول الذي سيرسله الله لهداية الناس وعن الإله العظيم الخليق بالعبادة والذي ينبغي السجود له والخضوع لسلطانه، يساعدها في هذا التفكير نفسها الصافية وزكاؤها المتوقد.
فقد روت كتب التأريخ أنها كانت دائمة الحديث مع ابن عمها الشيخ الكبير ورقة بن نوفل في الرسول الذي سيرسله الله لهداية البشر وكانت دائما تردد أسئلة بينها وبين نفسها: هل قرب زمن هذا النبي؟
وهل ستراه؟
وما من مكانها منه؟
لقد أبعدها هذا التفكير السامي في الرسالة المنتظرة والرسول عن لغو الحياة الذي كان متبعا ذاك الزمان، فارتفعت إلى مقام محمود بين الناس جعلها تفوز بلقب " سيدة نساء قريش ".
ولم تكن قريش خالية من نساء كريمات، فقد كان في مكة وفي قريش خاصة كثير من النساء ذوات العقل والتفكر وصاحبات الحزم والثبات،