لكن السيدة خديجة تفوقت عليهن بفكرها وعقلها وحزمها وثباتها وشرفها وطهارتها وترفعها عن لغو الحياة كما اشتهرت بين قومها بالفضل والكرم ومعاونة المحتاج وكان يغشى بيتها الفقيرات والمحتاجات والضيفان، فكانت تنفق على الجميع من خيرها وبرها حتى غبطها أهل مكة لمقامها وأخلاقها وذكائها وإنفاقها، فلقبوها بهذا اللقب " سيدة نساء قريش "، وفوزها بلقب " أم المؤمنين " يرتفع بها إلى منزلة عظيمة ومكانة مرموقة على مر الأيام والدهور.
فلقد بذلت أقصى ما في وسعها لتخفف عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعمن معها من الأهل والمسلمين وطأة المقاطعة والحصار، كانت ترسل سرا إلى أهلها وذويها والمخلصين الذين لم يقعوا تحت نير الحصار والمقاطعة ليرسلوا لها ما يستطيعون إرساله من الطعام لتستعين به ومن معها من المسلمين، وقد ظاهروا أعداء الدعوة فكانوا أوفياء لها وأسرعوا إلى الاستجابة لطلبها ولقد كرمها الله بأن جعلها أولى أمهات المؤمنين، ولعل من أسمى الألقاب وأرفعها وأعظمها منزلة وأشرفها أن تلقب الطاهرة وسيدة نساء قريش وأم المؤمنين بلقب " سيدة نساء العالمين " وهذا اللقب لم تنله سيدة من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) سواء زوجاته الميمونات رضي الله عنهن أو من غيرهن إلا إذا استثنينا السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله وبنت السيدة الطاهرة خديجة رضي الله عنهما ولم تنله قبلها إلا امرأتان عظيمتان ممن اختار الله تعالى هما مريم بنت عمران والسيدة آسية بنت مزاحم.