اتباع الناس لعمر في تحريمه الطيب في مني، فقالت: (كنت أطيب رسول الله (ص) إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض، فسنة رسول الله أحق أن يؤخذ بها من سنة عمر). (إرواء الغليل للألباني: 4 / 239، قال: أخرجه الطحاوي: 1 / 421 بسند صحيح).
واشتكى من ذلك عبد الله بن عمر! قال ابن كثير في سيرته: 4 / 278: (وقد كان الصحابة يهابونه كثيرا، فلا يتجاسرون على مخالفته غالبا، وكان ابنه عبد الله يخالفه فيقال له: إن أباك كان ينهى عنها، (أي متعة الحج وهي الإحلال من الإحرام بعد العمرة) فيقول: لقد خشيت أن تقع عليكم حجارة من السماء، قد فعلها رسول الله! أفسنة رسول الله نتبع، أو سنة عمر بن الخطاب؟!)!
وقد اشتكى من ذلك أمير المؤمنين علي عليه السلام في خطبة بليغة رواها في الكافي بسند صحيح: 8 / 58، قال: (خطب أمير المؤمنين عليه السلام فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال: ألا إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان: اتباع الهوى، وطول الأمل، أما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.
إلا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل واحدة بنون، فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب، وإن غدا حساب ولا عمل.
وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله يتولى فيها رجال رجالا!
إلا إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف، ولو أن الباطل خلص لم يخف على ذي حجى، لكنه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجللان معا، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى!
إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كيف أنتم إذا لبستم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة، فإذا غير منها شئ قيل: قد غيرت السنة وقد أتى الناس منكرا!