وهكذا استمر منع التدوين أكثر من قرن من الزمان، حتى دعا عمر بن عبد العزيز الأموي، في مطلع القرن الثاني علماء السلطة إلى كتابته، وعمل شخصيا على كسر حرمة الكتابة!
(قال أبو قلابة: خرج علينا عمر بن عبد العزيز لصلاة الظهر ومعه قرطاس، ثم خرج علينا لصلاة العصر وهو معه فقلت له: يا أمير المؤمنين ما هذا الكتاب؟ قال: حديث حدثني به عون بن عبد الله، فأعجبني فكتبته). (الدارمي: 1 / 130).
لكن مع ذلك، تأخرت استجابتهم لدعوته فترة زمنية طويلة!
قال الدارمي: 1 / 126: (عن عبد الله بن دينار قال كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: أن أكتب إلى بما ثبت عندك من الحديث عن رسول الله (ص)، وبحديث عمر، فإني قد خشيت درس العلم وذهابه).
وفي طبقات ابن سعد: 8 / 480: (أخبرنا يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن دينار قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن محمد بن حزم أن: أنظر ما كان من حديث رسول الله (ص)، أو سنة ماضية، أو حديث عمرة (خادمة عائشة) فاكتبه، فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله).
وفي تنوير الحوالك للسيوطي ص 4: (وأخرج الهروي في ذم الكلام من طريق يحيى بن عبد الله بن دينار، قال: لم يكن الصحابة ولا التابعون يكتبون الحديث إنما كانوا يؤدونها لفظا ويأخذونها حفظا، إلا كتب الصدقات والشئ اليسير الذي يقف عليه الباحث بعد الاستقصاء، حتى خيف عليه الدروس وأسرع في العلماء الموت، فأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز أبا بكر الحزمي فيما كتب إليه: أن انظر ما كان من سنة، أو حديث عمر، فاكتبه).