الله عز وجل ما حدثتكم، ثم تلا: الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى، فأخبر أن الحديث عن رسول الله (ص) من البينات والهدى الذي أنزله الله تعالى... وقد روى حجاج، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي (ص) قال: من كتم علما يعلمه، جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار.
فإن قيل: روي عن ابن عباس أن الآية نزلت في شأن اليهود حين كتموا ما في كتبهم من صفة رسول الله (ص)؟
قيل له: نزول الآية على سبب غير مانع من اعتبار عمومها في سائر ما انتظمته، لأن الحكم عندنا للفظ لا للسبب، إلا أن تقوم الدلالة عندنا على وجوب الاقتصار به على سببه).
وفي فيض القدير للمناوي: 4 / 707: (وقد تظافرت النصوص القرآنية على ذم كاتم العلم: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم! فوصف المغضوب عليهم بأنهم يكتمون العلم، تارة بخلا به، وتارة اعتياضا عن إظهاره بالدنيا، وتارة خوفا أن يحتج عليهم بما أظهروه منه! وهذا قد يبتلى به طوائف من المنتسبين للعلم، فإنهم تارة يكتمونه بخلا به، وتارة كراهة أن ينال غيرهم من الفضل والتقدم والوجاهة ما نالوه، وتارة اعتياضا برئاسة أو مال فيخاف من إظهاره انتقاص رتبته، وتارة يكون قد خالف غيره في مسألة أو اعتزى إلى طائفة قد خولفت في مسألة، فيكتم من العلم ما فيه حجة لمخالفه، وإن لم يتيقن أن مخالفه مبطل! وذلك كله مذموم، وفاعله مطرود من منازل الأبرار ومقامات الأخيار، مستوجب للعنة في هذه الدار ودار القرار). انتهى.
فهل ينطبق ذلك على أبي بكر وعمر ومن أطاعهما في كتمان السنة؟!