الله (ص) ليلة بطريق مكة ووكل بلالا. وفي مصنف عبد الرزاق عن عطاء بن يسار مرسلا أن ذلك كان بطريق تبوك، وللبيهقي في الدلائل نحوه من حديث عقبة بن عامر. وروى مسلم من حديث أبي قتادة مطولا، والبخاري مختصرا في الصلاة قصة نومهم عن صلاة الصبح أيضا في السفر لكن لم يعينه، ووقع في رواية لأبي داود أن ذلك كان في غزوة جيش الأمراء، وتعقبه ابن عبد البر بأن غزوة جيش الأمراء هي غزوة مؤتة ولم يشهدها النبي (ص) وهو كما قال. لكن يحتمل أن يكون المراد بغزوة جيش الأمراء غزوة أخرى غير غزوة مؤتة.
وقد اختلف العلماء هل كان ذلك مرة أو أكثر، أعني نومهم عن صلاة الصبح فجزم الأصيلي بأن القصة واحدة، وتعقبه القاضي عياض بأن قصة أبي قتادة مغايرة لقصة عمران بن حصين وهو كما قال، فإن قصة أبي قتادة فيها أن أبا بكر وعمر لم يكونا مع النبي (ص) لما نام، وقصة عمران فيها أنهما كانا معه كما سنبينه! وأيضا فقصة عمر أن فيها أن أول من استيقظ أبو بكر، ولم يستيقظ النبي (ص) حتى أيقظه عمر بالتكبير، وقصة أبي قتادة فيها إن أول من استيقظ النبي (ص) وفي القصتين غير ذلك من وجوه المغايرات!!
ومع ذلك فالجمع بينهما ممكن! لا سيما ما وقع عند مسلم وغيره أن عبد الله بن رباح راوي الحديث عن أبي قتادة، ذكر أن عمران بن حصين سمعه وهو يحدث بالحديث بطوله فقال له: أنظر كيف تحدث، فإني كنت شاهدا القصة! قال: فما أنكر عليه من الحديث شيئا، فهذا يدل على اتحادها. لكن لمدعي التعدد أن يقول: يحتمل أن يكون عمران حضر القصتين فحدث بإحداهما وصدق عبد الله بن رباح لما حدث عن أبي قتادة بالأخرى. والله أعلم). انتهى.
فما رأيكم في هذه الدوامة التضارب والتعارض والتناقض؟!