علي بن أبي طالب رضي الله عنه في إزار ورداء وكان أحسن الناس وجها وأعطرهم رائحة وأكثرهم خشوعا وبين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز وطاف بالبيت وأتى ليستلم الحجر فتنحى له الناس هيبة وإجلالا فغاظ ذلك هشاما فقال رجل من أهل الشام: من الذي أكرمه الناس هذا الإكرام وأعظموه هذا الإعظام؟
فقال هشام: لا أعرف لئلا يعظم في صدور أهل الشام فقال الفرزدق وكان حاضرا:
هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم في كفه خيزران ريحه عبق * في كف أروع في عرنينه شمم يغضى حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم مشتقة من رسول الله نبعته * طابت عناصره والخيم (1) والشيم ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الاسلام والعجم ينجاب نور الهدى عن نور غرته * كالشمس ينجاب عن إشراقها القشم حمال أثقال أقوام إذا اقترحوا * حلو الشمائل تحلوا عنده نعم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله * بجده أنبياء الله قد ختموا الله فضله قدما وشرفه * جرى بذاك له في لوحه القلم من جده دان فضل الأنبياء له * وفضل أمته دانت له الأمم عم البرية بالاحسان فانقشعت * عنها الغياهب والإملاق والظلم كلتا يديه غياث عم نفعهما * تستوكفان ولا يعروهما العدم سهل الخليقة لا تخشى بوادره * تزينه الاثنان الحلم والكرم