قصره ثم دعا الإمام علي النقي فلما دخل أغلق باب القصر فدارت السباع حوله وخضعت له وهو يمسحها بكمه ثم صعد إلى المتوكل وتحدث معه ساعة ثم نزل ففعلت السباع معه كفعلها الأول حتى خرج فاتبعه المتوكل بجائزة عظيمة فقيل للمتوكل إن ابن عمك يفعل بالسباع ما رأيت فافعل بها ما فعل ابن عمك قال: أنتم تريدون قتلي ثم أمرهم أن لا يفشوا ذلك توفي في سر من رأى في جمادى الأخيرة سنة أربع وخمسين ومأتين.
صبره (ع) على إيذاء المتوكل ومما يشهد لذلك ما رواه العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 263 ط الغري) قال:
وعن علي بن إبراهيم الطايفي قال: مرض المتوكل من خراج خرج بحلقه فأشرف على الهلاك ولم يحسن أحد أن يمسه بحديد فنذرت أم المتوكل لأبي الحسن علي بن محمد إن عوفي ولده من هذه العلة لتعطينه مالا جليلا من مالها، فقال الفتح بن خاقان للمتوكل: لو بعثت إلى هذا الرجل يعني أبا الحسن فسألته فربما كان على يده فرج لك فقال: ابعثوا إليه فمضى إليه رسول المتوكل فقال: خذوا كسب الغنم وديفوه بماء الورد وضعوه على الجراح ينفتح من ليلته بأهون ما يكون ويكون في ذلك شفائه إنشاء الله تعالى، فلما عاد الرسول وأخبرهم بمقالته جعل من يحضر المتوكل من خواصه يهزء من هذا الكلام فقال الفتح:
وما يضر تجربة ذلك فإني والله لأرجو به الصلاح فعملوه ووضعوه على الجراح فانفتح من ليلته وخرج كلما فيه فشفي المتوكل من الألم الذي كان يجده فأخذت أم المتوكل عشرة آلاف دينار من مالها ووضعتها في كيس وختمت عليه وبعثت به إلى أبي الحسن (ع) فأخذها وبعث إليه المتوكل بفضله كيسا فيه