ائذن له ليصعد، فلعلنا نسمع منه شيئا فقال لهم: إن صعد المنبر هذا لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان، فقالوا: وما قدر ما يحسن هذا، فقال: إنه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا. ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب، فقال فيها: أيها الناس أعطينا إلى آخر ما تقدم، ثم قال: ولم يزل يقول:
أنا أنا حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب وخشي يزيد أن تكون فتنة، فأمر المؤذن أن يؤذن فقطع عليه الكلام وسكت، فلما قال المؤذن الله أكبر، قال علي بن الحسين: كبرت كبيرا لا يقاس، ولا يدرك بالحواس، لا شئ أكبر من الله، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال علي: شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي، ومخي وعظمي، فلما قال: أشهد أن محمدا رسول الله، التفت علي من أعلى المنبر إلى يزيد وقال: يا يزيد محمد هذا جدي أم جدك؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت، وإن قلت: إنه جدي فلم قتلت عترته.
قال: وفرغ المؤذن من الأذان والإقامة، فتقدم يزيد وصلى صلاة الظهر.
ومن منظومه (ع) إني لأكتم من علمي جواهره * كي لا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى بعده الحسنا يا رب جوهر علم لو أبوح به * لقيل إنه ممن يعبد الوثنا ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا رواه العلامة باعلوي في (الشرع الروي) (ج 1 ص 40).