بطعام على آخر وهو جائع، وهي نفسها تدفع انسانا آخر لا يثار الغير بالطعام على نفسه. لأن استعداد الانسان الأول للالتذاذ بالقيم الخلقية والعاطفية الذي يدفعه إلى الايثار كان كامنا، ولم تتح له عوامل التربية المساعدة على تركيزه وتنميته. بينما ظفر الآخر بهذا اللون من التربية. فأصبح يلتذ بالقيم الخلقية والعاطفية. ويضحي بسائر لذاته في سبيلها.
فمتى أردنا أن نغير من سلوك الانسان شيئا، يجب أن نغير من مفهوم اللذة والمنفعة عنده، وندخل السلوك المقترح ضمن الإطار العام لغريزة حب الذات.
فإذا كانت غريزة حب الذات بهذه المكانة من دنيا الانسان، وكانت الذات في نظر الانسان عبارة عن طاقة مادية محدودة، وكانت اللذة عبارة عما تهيئه المادة من متع ومسرات. فمن الطبيعي أن يشعر الانسان بأن مجال كسبه محدود، وان شوطه قصير وان غايته في هذا الشوط أن يحصل على مقدار من اللذة المادية. وطريق ذلك ينحصر بطبيعة الحال في عصب الحياة المادية وهو المال. الذي يفتح امام الانسان السبيل إلى تحقيق كل أغراضه وشهواته.
هذا هو التسلسل الطبيعي في المفاهيم المادية، الذي يؤدي إلى عقلية رأسمالية كاملة.
أفترى أن المشكلة تحل حلا حاسما إذا رفضنا مبدأ الملكية الخاصة، وأبقينا تلك المفاهيم المادية عن الحياة. كما حاول أولئك المفكرون؟! وهل يمكن أن ينجو المجتمع من مأساة تلك المفاهيم. بالقضاء على الملكية الخاصة فقط. ويحصل على ضمان لسعادته واستقراره؟!، مع أن ضمان سعادته واستقراره، يتوقف إلى حد بعيد على ضمان عدم انحراف المسؤولين عن مناهجهم وأهدافهم الاصلاحية، في ميدان العمل والتنفيذ. والمفروض في هؤلاء المسؤولين أنهم يعتنقون نفس المفاهيم المادية الخالصة، عن الحياة التي قامت عليها الرأسمالية، وانما الفرق ان هذه المفاهيم أفرغوها في قوالب فلسفية جديدة. ومن الفرض المعقول الذي يتفق في كثير من الأحايين، أن تقف المصلحة الخاصة في وجه مصلحة المجموع. وأن يكون