قد يضع حدا لحياته بالانتحار، إذا وجد ان تحمل ألم الموت أسهل عليه من تحمل الآلام التي تزخر بها حياته.
فالواقع الطبيعي الحقيقي اذن، الذي يكمن وراء الحياة الانسانية كلها ويوجهها بأصابعه هو حب الذات. الذي نعبر عنه بحب اللذة وبغض الألم. ولا يمكن تكليف الانسان أن يتحمل مختارا مرارة الألم دون شيء من اللذة في سبيل أن يلتذ الآخرون ويتنعموا، الا إذا سلبت منه انسانيته. وأعطي طبيعة جديدة لا تتعشق اللذة ولا تكره الألم.
وحتى الألوان الرائعة من الايثار، التي نشاهدها في الانسان ونسمع بها عن تاريخه.. تخضع في الحقيقية أيضا لتلك القوة المحركة الرئيسية: ((غريزة حب الذات)) فالانسان قد يؤثر ولده أو صديقه على نفسه، وقد يضحي في سبيل بعض المثل والقيم... ولكنه لن يقدم على شيء من هذه البطولات ما لم يحس فيها بلذة خاصة. ومنفعة تفوق الخسارة التي تنجم عن ايثاره لولده وصديقه. أو تضحيته في سبيل مثل من المثل التي يؤمن بها.
وهكذا يمكننا أن نفسر سلوك الانسان بصورة عامة، في مجالات الأنانية والايثار على حد سواء. ففي الانسان استعدادات كثيرة للالتذاذ بأشياء متنوعة. مادية كالالتذاذ بالطعام والشراب وألوان المتعة الجنسية وما إليها من اللذائذ المادية. أو معنوية. كالالتذاذ الخلقي والعاطفي، بقيم خلقية أو أليف روحي أو عقيدة معينة، حين يجد الانسان ان تلك القيم أو ذلك الأليف أو هذه العقيدة جزء من كيانه الخاص. وهذه الاستعدادات التي تهئ الانسان للالتذاذ بتلك المتع المتنوعة، تختلف في درجاتها عند الاشخاص، وتتفاوت في مدى فعليتها... باختلاف ظروف الانسان وعوامل الطبيعة والتربية التي تؤثر فيه. فبينما نجد ان بعض تلك الاستعدادات تنضح عند الانسان بصورة طبيعية، كاستعداده للالتذاذ الجنسي مثلا، نجد أن ألوانا أخرى منها قد لا تظهر في حياة الانسان، وتظل تنتظر عوامل التربية التي تساعد على نضجها وتفتحها.
وغريزة حب الذات من وراء هذه الاستعدادات جميعا تحدد سلوك الانسان وفقا لمدى نضج تلك الاستعدادات. فهي تدفع انسانا إلى الاستئثار