الفرد بين خسارة وألم يتحملهما لحساب الآخرين. وبين ربح ولذة يتمتع بهما على حسابهم، فماذا تقدر للأمة وحقوقها. وللمذهب وأهدافه، من ضمان في مثل هذه اللحظات الخطيرة، التي تمر على الحاكمين؟! والمصلحة الذاتية لا تتمثل فقط في الملكية الفردية، ليقضى على هذا الفرض الذي افترضناه، بالغاء مبدأ الملكية الخاصة بل هي تتمثل في أساليب، وتتلون بألوان شتى. ودليل ذلك ما أخذ يكشف عنه زعماء الشيوعية اليوم من خيانات الحاكمين السابقين، والتوائهم على ما يتبنون من أهداف.
ان الثورة تسيطر عليها الفئة الرأسمالية في ظل الاقتصاد المطلق، والحريات الفردية، وتتصرف فيها بعقليتها المادية... تسلم - عند تأميم الدولة لجميع الثروات. والغاء الملكية الخاصة - إلى نفس جهاز الدولة، المكون من جماعة تسيطر عليهم نفس المفاهيم المادية عن الحياة، والتي تفرض عليهم تقديم المصالح الشخصية بحكم غريزة حب الذات، وهي تأبى أن يتنازل الانسان عن لذة ومصلحة بلا عوض. وما دامت المصلحة المادية هي القوة المسيطرة، بحكم مفاهيم الحياة المادية، فسوف تستأنف من جديد ميادين للصراع والتنافس، وسوف يعرض المجتمع لاشكال من الخطر والاستغلال.
فالخطر على الانسانية يكمن كله في تلك المفاهيم المادية، وما ينبثق عنها من مقاييس للأهداف والأعمال. وتوحيد الثروات الرأسمالية - الصغيرة أو الكبيرة - في ثروة كبرى يسلم أمرها للدولة، من دون تطوير جديد للذهنية الانسانية... لا يدفع ذلك الخطر. بل يجعل من الأمة جميعا عمال شركة واحدة، ويربط حياتهم وكرامتهم بأقطاب تلك الشركة وأصحابها.
نعم ان هذه الشركة تختلف عن الشركة الرأسمالية في أن أصحاب تلك الشركة الرأسمالية هم الذين يملكون أرباحها. ويصرفونها في أهوائهم الخاصة. وأما أصحاب هذه الشركة فهم لا يملكون شيئا من ذلك. في مفروض النظام. غير أن ميادين المصلحة الشخصية لا تزال مفتوحة. والفهم المادي للحياة - الذي يجعل من تلك المصلحة هدفا ومبررا - لا يزال قائما.