وإذا قضي على التنوع الطبقي في المجتمع الاشتراكي المقترح، انطفأت شعلة الصراع، وتلاشت الحركات التناقضية نهائيا، وجمد المجتمع على شكل ثابت لا يحيد عنه، لأن الوقود الوحيد للتطور الاجتماعي - في رأي الماركسية - هو أسطورة التناقض الطبقي، التي اخترعها، فإذا زال هذا التناقض، كان معنى ذلك تحرر المجتمع من أسر الديالكتيك، فيتنحى الجدل عن مقام السيطرة والتحكم في العالم.
وهكذا نعرف ان تفسير الماركسية للتطور الاجتماعي، على أساس التناقض الطبقي، والأصول الديالكتيكية، يؤدي إلى فرض حد نهائي لهذا التطور. وعلى العكس من ذلك ما إذا وضعنا جذوة التطور. أو وقود الحركة في الوعي أو الفكر، أو أي شيء غير التناقض الطبقي، الذي تتخذه الماركسية رصيدا عاما، لجميع التطورات والحركات.
أفليس من الجدير بعد هذا، ان ننعت التفسير الديالكتي للتاريخ والمجتمع، بأنه هو وحده التفسير الذي يحتم على البشرية الجمود والثبات، دون التفسير الذي يضع رصيد التطور في معين لا ينضب.
وهو الوعي بمختلف ألوانه؟
ودع عنك بعد هذا ما مني به التطور الديالكتي، للفكر البشري، الذي تتشدق به الماركسية، من تجميد على يد الماركسية نفسها، حين اتخذ الديالكتيك حقيقة مطلقة، ولا نهائية للعالم، وتبنته الدولة مذهبا رسميا، فوق كل بحث وجدال ومرجعا أعلى يجب إخضاع كل علم ومعرفة له، وتحجير كل فكر أو جهد ذهني، لا ينسجم معه ولا ينطلق من عنده فعادت الأفكار البشرية في مختلف مجالات الحياة أسيرة منطق خاص، وأصبحت المواهب والامكانات الفكرية، مضغوطة كلها في الدائرة التي رسمها للبشرية فلاسفة الدولة الرسميون.. اما كيف ندحض أسطورة التناقض الطبقي؟ وكيف نكشف الستار عن مغالطات الجدل الماركسي، في تعيين تناقضات الملكية، وكيف نقدم التفسير