ويستعرض أنجلز أمثلة أخرى على قفزات الديالكتيك من الحوامض العضوية في الكيمياء، التي تختص كل واحدة منها بدرجة معينة، لانصهارها أو غليانها، وبمجرد بلوغ السائل تلك الدرجة، يقفز إلى حالة كيفية جديدة. فحامض النمليك - مثلا - درجة غليانه (100)، ودرجة انصهاره (15). وحامض الخليك نقطة غليانه (118)، ونقطة انصهاره (17) وهكذا... (1) فالمركبات (الهيدروكاربونية)، تجري طبقا لقانون القفزات، والتحولات الدفعية، في غليانها وانصهارها.
ونحن لا نشك في أن التطور الكيفي، في جملة من الظواهر الطبيعية، يتم بقفزات ودفعات آنية. كتطور الماء في المثال المدرسي السابق الذكر، وتطور الحوامض العضوية (الكربونية) في حالتي الغليان والانصهار وكما في جميع المركبات، التي تكون طبيعتها وخواصها متعلقة بالنسبة التي يتألف بحسبها كل منها. ولكن ليس معنى ذلك، أن من الضروري دائما، وفي جميع المجالات، ان يقفز التطور في مراحل معينة، ليكون تطورا كيفيا. ولا تكفي عدة أمثلة للتدليل العلمي أو الفلسفي، على حتمية هذه القفزات في تاريخ التطور، وخصوصا حين تنتقيها الماركسية انتقاء، وتهمل الأمثلة التي كانت تستعملها لايضاح قانون آخر من قوانين الديالكتيك، لا لشيء الا لأنها لا تنفق مع هذا القانون الجديد. فقد كانت الماركسية تمثل لتناقضات التطور، بالجرثومة الحية في داخل البيضة. التي تجنح إلى أن تكون فرخا (2) وبالبذرة التي تنطوي على نقيضها، فتتطور بسبب الصراع في محتواها الداخلي، فتكون شجرة، أفليس من حقنا أن نطالب الماركسية بإعادة النظر في هذه الأمثلة. لكي نعرف كيف تستطيع أن تشرح لنا قفزات التطور فيها؟ فهل صيرورة البذرة شجرة، أو الجرثومة فرخا (تطور تزالي آنتي تز)، أو صيرورة الفرخ دجاجة (تطور آنتي تز إلى سنتز)، تتأتى بقفزة من قفزات التطور الديالكتيكية، فتتحول الجرثومة في آن واحد إلى فرخ، والفرخ إلى دجاجة، والبذرة إلى شجرة. وان هذه