البلد، وأن كل فرد منهم لا يملك هذه القدرة. فهل هذا هو التناقض؟ وهل هذا هو الذي ارتكز المنطق الميتافيزيقي على رفضه؟ كلا. فان التناقض انما يقوم بين النفي والاثبات، فيما إذا تناولا موضوعا واحدا. وأما إذا تناول الاثبات البشرية بمجموعها، وتناول النفي كل فرد بصورة مستقلة - كما في المثال الذي عرضه أنجلز - فلا يوجد عندئذ تعارض بين النفي والاثبات.
4 - التناقض في الفيزياء، بين الكهربائية الموجبة والسالبة (1). وهذا التناقض المزعوم، ينطوي على خطأين:
الأول: اعتبار الشحنة الموجبة والسالبة، من قبيل النفي والاثبات، والسلب والايجاب، نظرا إلى التعبير العلمي عن إحداهما بالموجبة، وعن الأخرى بالسالبة، مع أنا جميعا نعلم أن هذا التعبير، مجرد اصطلاح فيزيائي، ولا يعني أنهما نقيضان حقيقة، كما يتناقض النفي والاثبات، أو السلب والايجاب. فالكهربائية الموجبة هي المماثلة للكهربائية المتولدة في القضيب الزجاجي. المدلوك بقطعة من الحرير. والكهربائية السالبة هي المماثلة للكهربائية المتولدة على الأيونين، المدلوك بجلد الهر. فكل من الكهربائيتين نوع خاص من الشحنات الكهربائية، وليست إحداهما وجود الشيء، والأخرى عدما لذلك الشيء.
الثاني:
اعتبار التجاذب لونا من الاجتماع. وعلى هذا الأساس فسرت علاقة التجاذب القائمة بين الشحنة الموجبة، والشحنة السالبة بالتناقض، واعتبر هذا التناقض، مظهرا من مظاهر الديالكتيك، مع أن الواقع أن االسلبية والايجابية الكهربائيتين، لم تجتمعا في شحنة واحدة، وانما هما شحنتان مستقلتان تتجاذبان، كما يتجاذب القطبان المغناطيسيان المختلفان، من دون أن يعني ذلك وجود شحنة واحدة موجبة وسالبة في وقت واحد، أو وجود قطب مغناطيسي شمالي وجنوبي معا. فالتجاذب بين الشحنات المتخالفة، لون من ألوان التفاعل بين الأضداد الخارجية، المستقل بعضها في الوجود عن بعض.