. ولكن ليس في ذلك شيء من التناقض، لأننا إذا حللنا هاتين العمليتين، اللتين نضيفهما بادئ الامر إلى كائن حي واحد، نعرف ان عملية الموت وعملية الحياة لا تتفقان في موضوع واحد. فالكائن الحي يستقبل في كل دور خلايا جديدة. ويودع خلايا بالية. فالموت والحياة يتقاسمان الخلايا، والخلية التي تفنى في لحظة. غير الخلية التي توجد وتحيا في تلك اللحظة. وهكذا يبقى الكائن الحي الكبير متماسكا، لان عملية الحياة تعوضه عن الخلايا، التي ينسفها الموت بخلايا جديدة، فتستمر الحياة حتى تنتهي امكاناته. وتنطفئ شعلة الحياة منه. وانما يوجد التناقض لو ان الموت والحياة استوعبا في لحظة خاصة، جميع خلايا الكائن الحي. وهذا ما لا نعرفه من طبيعة الحياة، والاحياء. فان الكائن الحي لا يحمل في طياته الا امكان الموت، وامكان الموت لا يناقض الحياة، وانما يناقضها الموت بالفعل.
3 - التناقض في مقدرة الانسان على المعرفة، قال انجلز يعرض مبدأ التناقض في الديالكتيك: ((كما رأينا بأن التناقض مثلا، بين مقدرة الانسان على المعرفة مقدرة متأصلة ولا محدودة، وبين تحقيق هذه المقدرة تحققا فعليا في البشر، الذين هم مقيدون بظروفهم الخارجية، وبقابلياتهم الذهنية، يجد حلوله في تعاقب الأجيال تعاقبا لا محدودا، في التقدم اللامتناهي، بالنسبة لنا على الأقل، وبحسب وجهة النظر العملية)) (1).
نجد في هذا مثالا جديدا، لا على مبدأ التناقض، بل على عدم إجادة الماركسية فهم مبدأ عدم التناقض. فإنه إذا كان من الصحيح أن البشرية قادرة على المعرفة الكاملة، وأن كل بشر غير قادر على اكتساب تلك المعرفة بمفرده، فليس هذا مصداقا للديالكتيك، ولا ظاهرة شاذة عن المنطق الميتافيزيقي، ومبدئه الأساسي، بل هو نظير تأكيدنا على أن الجيش قادر على الدفاع عن