على مسرح العقل البشري، غير انها لم تتبلور على أسلوب منطق كامل، واضح في تفسيره ونظرته، محدد في خططه وقواعده، الا على يد هيجل، فقد أنشأ هيجل فلسفته المثالية كلها على أساس هذا الديالكتيك، وجعله تفسيرا كافيا للمجتمع، والتاريخ، والدولة، وكل مظاهر الحياة. وتبناه بعده ماركس فوضع فلسفته المادية في تصميم ديالكتيكي خالص.
فالجدل الجديد في زعم الديالكتيكين قانون للفكر والواقع على السواء. ولذلك فهو طريقة للتفكير، ومبدأ يرتكز عليه الواقع في وجوده وتطوره.
قال لينين: ((فإذا كان ثمة تناقضات في أفكار الناس، فذلك لأن الواقع الذي يعكسه فكرنا يحوي تناقضات. فجدل الأشياء ينتج جدل الأفكار، وليس العكس)) (1) وقال ماركس: ((ليست حركة الفكر الا انعكاسا لحركة الواقع، منقولة ومحولة في مخ الانسان)) (2).
والمنطق الهيجلي بما قام عليه من أساس الديالكتيك والتناقض، يعتبر في النقطة المقابلة - للمنطق الكلاسيكي. أو المنطق البشري العام - تماما، ذلك ان المنطق العام يؤمن بمبدأ عدم التناقض، ويعتبره المبدأ الأول الذي يجب ان تقوم كل معرفة على أساسه، والمبدأ الضروري الذي لا يشذ عنه شيء في دنيا الوجود، ولا يمكن ان يبرهن على حقيقة مهما كانت لولاه. ويرفض المنطق الهيجلي هذا المبدأ كل الرفض، ولا يكتفي بالتأكيد على امكان التناقض، بل يجعل التناقض - بدلا عن سلبه - المبدأ الأول لكل معرفة صحيحة عن العالم، والقانون العام الذي يفسر الكون كله بمجموعة من التناقضات، فكل قضية في الكون تعتبر اثباتا، وتثير نفيها في نفس الوقت، ويأتلف الاثبات والنفي في اثبات جديد. فالنهج المتناقض للديالكتيك، أو